من المسؤول عن الفساد في اليمن..؟


الإثنين - 11 سبتمبر 2023 - الساعة 11:27 م
بقلم: ماجد عبدالله الناصري






- ارشيف الكاتب

المحاصصة وتقاسم النفوذ والسلطة دائما ما تؤدي إلى دولة للمسؤولين وليس للشعب، وهذا ما يجعل كل فئة تعمل من أجل مصالح جماعتها على حساب الصالح العام، بينما ينقسم الناس بين (أ) و(ب) و(ج)، فيتعصبون مع الفئة التي ينتمون إليها وينسون سوء الخدمات والوضع المعيشي الذي يعيشونه بشكل يومي، الوضع الحالي شبيه بوضع لبنان السياسي والاقتصادي، ما يحدث هو أن كل مكون يعمل من أجل مصالح جماعته المنضوية حوله وحسب، العملة تتضخم لا يهم فليصل الدولار الواحد إلى 20 الف ريال يمني، الأسعار ترتفع لا يهم، لا مرتبات لايهم، الخدمات سيئة لا يهم، الأهم هو تصالح (أ، ب، ج) وبقاؤهم في حالة تفاهم مستمر، وبالتالي، فإن الشغل الشاغل للقادة ليس إصلاح الخدمات أو تحسين الظروف المعيشية بقدر ما هو السعي إلى تسوية الصراع والتوفيق بين المكونات، ولكل منها جمهور كبير من المؤيدين المعذبين وراءه، إما بدافع المناطقية أو الحزبية أو لفكرة تمكن شخص ما من حشدهم وراءها.

أما المواطن أي الجمهور فهو مجرد أداة متعصبة مع (أ) أو (ب) أو (ج) يعيشون على أمل أن يتصالحوا وتنحل الأزمات أو ينتصروا على بعضهم البعض، وفي النهاية لن ينتصر أحد، فهذه مجرد لعبة عادة ما يستخدمها المستبدون للحفاظ على الفساد وتخدير الشعب من القيام بثورة ضدهم، وإن حاولت الجماعة المحسوبة على (أ) أن تثور على الوضع السيء وتفاقم الأزمات فستتعرض إما للقمع من ذات الجماعة التي تنتمي إليها وإما أن تخضع للوهم والوعود التي يصرفها قادات هذه الجماعة، وفي حال خرجت احتجاجات حقيقية فقد يستخدمها (أ) للضغط على (ب) أو (ج) من أجل تحقيق مكاسب مادية أو معنوية لا يستفيد منها سوى ساسة وكبار (أ)، بمعنى أن المواطن فقط مجرد جمهور خاسر يدفع ثمن التذكرة ويدخل ليشاهد سينما أو حلبة ملاكمة، بل أن هذا الوضع يخلق شماعة لكل مكون تجعل الشعب في حالة توهان لا يعرف من هو المتسبب بهذا السوء ومن غريمه الحقيقي الذي صادر مستحقاته وأبسط مقومات معيشته، ف (أ) يحمل المسؤولية (ب) وهكذا دون ضمير أو مسؤولية حقيقية تجاه المواطن المعذب، وبذلك تكون الدولة عبارة عن شركة مساهمة بين مجموعة من المستثمرين.

هذه المعادلة تجري سيناريوهاتها كل يوم في أروقة الدولة في ظل غياب تام للوعي الشعبي، فالشعوب في كل بقاع العالم هي من تنتزع حقوقها من مسؤوليها، وهي من تخلعهم وتطيح بهم، وهي من تصنع التغيير في المجتمع، وهي من تدرك من يتلاعب بمشاعرها للسطو على حقوقها، لأنها شعوب متعلمة وواعية لا تقبل الوعود السياسية ولا تضع مصالح جماعتها أو حزبها فوق حقوقها ومقومات حياتها، فترى هذه الشعوب إن حدث سوء في الخدمات أو ارتفع سعر الحبة البيض؛ يخلعون انتماءاتهم السياسية والفكرية والأيديوليجية ويخرجون ضد الحاكم، لا يبيعون الوهم لأنفسهم ويخلقون المبررات ويعزون ذلك للوضع السياسي أو العسكري، أو أن هناك أمر ما حال دون توفير مقومات الحياة لها، أما في بلداننا فيعمل الفاسدون حتى على تدمير منظومة التعليم خشية بناء جيل متسلح بالعلم يعي ويدرك حقوقه، فبناء الفرد أفضل من بناء نظام الحكم والدولة ذاتها، لأن الإنسان هو صانع التغيير والحضارة.

لذلك دائما ما نسمع في الأوساط المجتمعية عبارة (شعب عرطة) وفعلا هو كذلك فقد رأينا سكوته منذ اليوم الأول عندما ابتدأت الخدمات المعيشية تسوء، والقرارات الاقتصادية الخاطئة تتكرر يوما بعد يوم منذ بدء طباعة العملة، ماذا تتوقعون ممن لا يدرك حتى حقوقه بالقانون ولا يراقب حتى التغيرات التي قد تطرأ على دستور بلده.

إذا من المسؤول عن كل هذا السوء وأين تكمن المشكلة هل بغياب الوعي الشعبي أم بمن يتسلطون علينا ويقودوننا كالقطيع.؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة اليمنية وتشعباتها المعقدة..!!

Press and freedom of opinion in Yemen and the assassination of journalists الصحافة وحرية الرأي في اليمن واغتيال الصحفيين

عقدة السلام في اليمن