عقدة السلام في اليمن

مقال لـ: ماجد الناصري


منذ العام 2015 ورحى الحرب تطحن اليمنيين وتضاعف معاناتهم، مفاوضات ووساطات ومبادرات ومؤتمرات وانشقاقات وتحالفات وأزمات في كل الأصعدة، كل هذا لم يغير شيء في الواقع، بل ساعد في إذكاء الصراع وتنامي المشاريع والمكونات التي اعتقدنا أنها سوف تنتهي خلال أشهر أو أيام معدودة، فأين تكمن المشكلة ومالعقدة التي لم يستطع العالم حلها وفهمها خلال سبعة أعوام من الحرب..؟
مشكلة اليمن ليست وليدة اللحظة والتاريخ مليء بالحروب الطائفية والقبلية والمناطقية، وجذور المشكل الحالي تعود إلى تلك الحروب التي يعرفها الجميع مرورا بثورتي سبتمبر وأكتوبر وما تلتها من صراعات داخلية، ووصولا إلى حرب 1994 وحملات التكفير التي تخللتها، والحروب الست التي شنها صالح ضد المجاميع الحوثية التي كانت تطمح لالتهام اليمن وإخضاعه لسيطرتها لإعادة مافرط به أجداد هذه الجماعة، إضافة للعامل القبلي والأيديولوجيات وتواردها من الخارج إلى الداخل وتحورها وتحولها -بفضل الجهل- من أقلية دينية إلى أحزاب ومكونات لها قاعدة شعبية واسعة في المجتمع.
مايدور حاليا هو تكرار لتلك المشاريع التي قطعت أوصال المجتمع المتعايش، وزرعت الفوارق والامتيازات الدينية والقبلية لخدمة المشاريع ذات المنحى الأجنبي، ووضعت الانتماء فوق الولاء الوطني، وبنزعتها العدائية ضد خصومها استعانت بالخارج معتقدة أن هذا هو المخلص الوحيد والحل النهائي للأزمة، السعودية التي تقود تحالفا اليوم لاستعادة الجمهورية، وقفت بالأمس مع الملكية ضد الثوار الأحرار، ليس من أجل اليمن وإنما دفاعا عن مصالحها، وهذا يؤكد لنا أن أي طرف أجنبي سواء كانت السعودية أو الإمارات أو إيران لا يهمه مصالح الإنسان اليمني على الإطلاق، ولو كان من صالح هذه الدول؛ لتحقق السلام منذ أول مبادرة للحل.
العقدة التي نعاني منها هي أننا اعتمدنا على "مُخرج" يحب التفنن بمعاناتنا ويعشق مشاهدة لقطات التراجيديا في المسرحيات التي يديرها، إضافة لابتلائنا بجماعة انتقامية تريد فرض أفكارها ومشاريعها على شعب عزيز يعشق الحرية والعيش بكرامة، وهذا ماقوض عملية السلام، وإلا فهناك بلدان دخلت في صراع وحروب وانتهت بمصالحة وجهود ومساع حقيقية، أمثال الحرب في ليبيا ورأب الصدع بين قطر والسعودية، والحرب الأذرية الأرمينية، وكثير من أنموذجات السلام في العالم، أما نحن مازلنا ندور حول حلقة مفرغة من السلام يسودها القتل والدمار والصراع العقائدي والقبلي المقيت.
وكما أن عامل الوعي لدى الشعوب يلعب دورا محوريا في الإستجابة لمساع السلام والحفاظ على الوطن ومكتسباته ونسيجه الإجتماعي، وللأسف نحن شعب عاطفي جدا، سرعان ما ينجر خلف الشعارات والخطابات الشعبوية والمناطقية والحمية القبلية، لم نقدس العلم ونعطيه حقه الكافي من الإهتمام، ولم يكن هناك اهتمام حقيقي بالمراكز والمظارس والجامعات والبحوث العلمية من قبل الأنظمة السابقة، وكأن القادة الأوائل قد رسموا لنا الخارطة بأننا لن نصلح إلا للقتل والإقتتال والفوضى، وانتشار الجهل وتدني مستوى التعليم دليلا كافيا على ذلك، وهذا ما أدى إلى شغور المربعات التي تدعو إلى القتل والاقتتال وتوافد الناس إليها، واكتظاظ مربعات العلم بالبطالة والعاطلين عن العمل.
أما قادتنا فإنهم لم يعتزوا بالمشاريع الذاتية الوطنية وقدرات شعوبهم في بناء الوطن الذي يحلم به الجميع، وصاروا سماسرة للخارج وأدوات طيعة وعوامل مساعدة لتنفيذ كل مايدور من فوضى وضياع للوطن، والحقيقة المرة أننا لم نتحرر من الداخل وننير بصيرة الوعي لإصلاح مجتمعاتنا بدلا من أن نعتمد على الآخرين لأنه "لا يرتقي شعب إلى أوج العلا مالم يكن بانوه من أبنائه" و "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن نهضة الدول وازدهارها وتقدمها لن تتحقق دون عزيمة وجهد وإخلاص أبنائها، فهل رأيتم بلدا حول العالم نهض بدعم من الخارج الأجنبي..؟
ابو ايمن السقاف، بسام احمد علي و٢٦ شخصًا آخر
تعليق واحد
مشاركة واحدة
أعجبني
تعليق
مشاركة
عقدة السلام في اليمن
مقال لـ: ماجد الناصري
منذ العام 2015 ورحى الحرب تطحن اليمنيين وتضاعف معاناتهم، مفاوضات ووساطات ومبادرات ومؤتمرات وانشقاقات وتحالفات وأزمات في كل الأصعدة، كل هذا لم يغير شيء في الواقع، بل ساعد في إذكاء الصراع وتنامي المشاريع والمكونات التي اعتقدنا أنها سوف تنتهي خلال أشهر أو أيام معدودة، فأين تكمن المشكلة ومالعقدة التي لم يستطع العالم حلها وفهمها خلال سبعة أعوام من الحرب..؟
مشكلة اليمن ليست وليدة اللحظة والتاريخ مليء بالحروب الطائفية والقبلية والمناطقية، وجذور المشكل الحالي تعود إلى تلك الحروب التي يعرفها الجميع مرورا بثورتي سبتمبر وأكتوبر وما تلتها من صراعات داخلية، ووصولا إلى حرب 1994 وحملات التكفير التي تخللتها، والحروب الست التي شنها صالح ضد المجاميع الحوثية التي كانت تطمح لالتهام اليمن وإخضاعه لسيطرتها لإعادة مافرط به أجداد هذه الجماعة، إضافة للعامل القبلي والأيديولوجيات وتواردها من الخارج إلى الداخل وتحورها وتحولها -بفضل الجهل- من أقلية دينية إلى أحزاب ومكونات لها قاعدة شعبية واسعة في المجتمع.
مايدور حاليا هو تكرار لتلك المشاريع التي قطعت أوصال المجتمع المتعايش، وزرعت الفوارق والامتيازات الدينية والقبلية لخدمة المشاريع ذات المنحى الأجنبي، ووضعت الانتماء فوق الولاء الوطني، وبنزعتها العدائية ضد خصومها استعانت بالخارج معتقدة أن هذا هو المخلص الوحيد والحل النهائي للأزمة، السعودية التي تقود تحالفا اليوم لاستعادة الجمهورية، وقفت بالأمس مع الملكية ضد الثوار الأحرار، ليس من أجل اليمن وإنما دفاعا عن مصالحها، وهذا يؤكد لنا أن أي طرف أجنبي سواء كانت السعودية أو الإمارات أو إيران لا يهمه مصالح الإنسان اليمني على الإطلاق، ولو كان من صالح هذه الدول؛ لتحقق السلام منذ أول مبادرة للحل.
العقدة التي نعاني منها هي أننا اعتمدنا على "مُخرج" يحب التفنن بمعاناتنا ويعشق مشاهدة لقطات التراجيديا في المسرحيات التي يديرها، إضافة لابتلائنا بجماعة انتقامية تريد فرض أفكارها ومشاريعها على شعب عزيز يعشق الحرية والعيش بكرامة، وهذا ماقوض عملية السلام، وإلا فهناك بلدان دخلت في صراع وحروب وانتهت بمصالحة وجهود ومساع حقيقية، أمثال الحرب في ليبيا ورأب الصدع بين قطر والسعودية، والحرب الأذرية الأرمينية، وكثير من أنموذجات السلام في العالم، أما نحن مازلنا ندور حول حلقة مفرغة من السلام يسودها القتل والدمار والصراع العقائدي والقبلي المقيت.
وكما أن عامل الوعي لدى الشعوب يلعب دورا محوريا في الإستجابة لمساع السلام والحفاظ على الوطن ومكتسباته ونسيجه الإجتماعي، وللأسف نحن شعب عاطفي جدا، سرعان ما ينجر خلف الشعارات والخطابات الشعبوية والمناطقية والحمية القبلية، لم نقدس العلم ونعطيه حقه الكافي من الإهتمام، ولم يكن هناك اهتمام حقيقي بالمراكز والمظارس والجامعات والبحوث العلمية من قبل الأنظمة السابقة، وكأن القادة الأوائل قد رسموا لنا الخارطة بأننا لن نصلح إلا للقتل والإقتتال والفوضى، وانتشار الجهل وتدني مستوى التعليم دليلا كافيا على ذلك، وهذا ما أدى إلى شغور المربعات التي تدعو إلى القتل والاقتتال وتوافد الناس إليها، واكتظاظ مربعات العلم بالبطالة والعاطلين عن العمل.
أما قادتنا فإنهم لم يعتزوا بالمشاريع الذاتية الوطنية وقدرات شعوبهم في بناء الوطن الذي يحلم به الجميع، وصاروا سماسرة للخارج وأدوات طيعة وعوامل مساعدة لتنفيذ كل مايدور من فوضى وضياع للوطن، والحقيقة المرة أننا لم نتحرر من الداخل وننير بصيرة الوعي لإصلاح مجتمعاتنا بدلا من أن نعتمد على الآخرين لأنه "لا يرتقي شعب إلى أوج العلا مالم يكن بانوه من أبنائه" و "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن نهضة الدول وازدهارها وتقدمها لن تتحقق دون عزيمة وجهد وإخلاص أبنائها، فهل رأيتم بلدا حول العالم نهض بدعم من الخارج الأجنبي..؟
ابو ايمن السقاف، بسام احمد علي و٢٦ شخصًا آخر
تعليق واحد
مشاركة واحدة
أعجبني
تعليق
مشاركة
عقدة السلام في اليمن
مقال لـ: ماجد الناصري
منذ العام 2015 ورحى الحرب تطحن اليمنيين وتضاعف معاناتهم، مفاوضات ووساطات ومبادرات ومؤتمرات وانشقاقات وتحالفات وأزمات في كل الأصعدة، كل هذا لم يغير شيء في الواقع، بل ساعد في إذكاء الصراع وتنامي المشاريع والمكونات التي اعتقدنا أنها سوف تنتهي خلال أشهر أو أيام معدودة، فأين تكمن المشكلة ومالعقدة التي لم يستطع العالم حلها وفهمها خلال سبعة أعوام من الحرب..؟
مشكلة اليمن ليست وليدة اللحظة والتاريخ مليء بالحروب الطائفية والقبلية والمناطقية، وجذور المشكل الحالي تعود إلى تلك الحروب التي يعرفها الجميع مرورا بثورتي سبتمبر وأكتوبر وما تلتها من صراعات داخلية، ووصولا إلى حرب 1994 وحملات التكفير التي تخللتها، والحروب الست التي شنها صالح ضد المجاميع الحوثية التي كانت تطمح لالتهام اليمن وإخضاعه لسيطرتها لإعادة مافرط به أجداد هذه الجماعة، إضافة للعامل القبلي والأيديولوجيات وتواردها من الخارج إلى الداخل وتحورها وتحولها -بفضل الجهل- من أقلية دينية إلى أحزاب ومكونات لها قاعدة شعبية واسعة في المجتمع.
مايدور حاليا هو تكرار لتلك المشاريع التي قطعت أوصال المجتمع المتعايش، وزرعت الفوارق والامتيازات الدينية والقبلية لخدمة المشاريع ذات المنحى الأجنبي، ووضعت الانتماء فوق الولاء الوطني، وبنزعتها العدائية ضد خصومها استعانت بالخارج معتقدة أن هذا هو المخلص الوحيد والحل النهائي للأزمة، السعودية التي تقود تحالفا اليوم لاستعادة الجمهورية، وقفت بالأمس مع الملكية ضد الثوار الأحرار، ليس من أجل اليمن وإنما دفاعا عن مصالحها، وهذا يؤكد لنا أن أي طرف أجنبي سواء كانت السعودية أو الإمارات أو إيران لا يهمه مصالح الإنسان اليمني على الإطلاق، ولو كان من صالح هذه الدول؛ لتحقق السلام منذ أول مبادرة للحل.
العقدة التي نعاني منها هي أننا اعتمدنا على "مُخرج" يحب التفنن بمعاناتنا ويعشق مشاهدة لقطات التراجيديا في المسرحيات التي يديرها، إضافة لابتلائنا بجماعة انتقامية تريد فرض أفكارها ومشاريعها على شعب عزيز يعشق الحرية والعيش بكرامة، وهذا ماقوض عملية السلام، وإلا فهناك بلدان دخلت في صراع وحروب وانتهت بمصالحة وجهود ومساع حقيقية، أمثال الحرب في ليبيا ورأب الصدع بين قطر والسعودية، والحرب الأذرية الأرمينية، وكثير من أنموذجات السلام في العالم، أما نحن مازلنا ندور حول حلقة مفرغة من السلام يسودها القتل والدمار والصراع العقائدي والقبلي المقيت.
وكما أن عامل الوعي لدى الشعوب يلعب دورا محوريا في الإستجابة لمساع السلام والحفاظ على الوطن ومكتسباته ونسيجه الإجتماعي، وللأسف نحن شعب عاطفي جدا، سرعان ما ينجر خلف الشعارات والخطابات الشعبوية والمناطقية والحمية القبلية، لم نقدس العلم ونعطيه حقه الكافي من الإهتمام، ولم يكن هناك اهتمام حقيقي بالمراكز والمظارس والجامعات والبحوث العلمية من قبل الأنظمة السابقة، وكأن القادة الأوائل قد رسموا لنا الخارطة بأننا لن نصلح إلا للقتل والإقتتال والفوضى، وانتشار الجهل وتدني مستوى التعليم دليلا كافيا على ذلك، وهذا ما أدى إلى شغور المربعات التي تدعو إلى القتل والاقتتال وتوافد الناس إليها، واكتظاظ مربعات العلم بالبطالة والعاطلين عن العمل.
أما قادتنا فإنهم لم يعتزوا بالمشاريع الذاتية الوطنية وقدرات شعوبهم في بناء الوطن الذي يحلم به الجميع، وصاروا سماسرة للخارج وأدوات طيعة وعوامل مساعدة لتنفيذ كل مايدور من فوضى وضياع للوطن، والحقيقة المرة أننا لم نتحرر من الداخل وننير بصيرة الوعي لإصلاح مجتمعاتنا بدلا من أن نعتمد على الآخرين لأنه "لا يرتقي شعب إلى أوج العلا مالم يكن بانوه من أبنائه" و "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن نهضة الدول وازدهارها وتقدمها لن تتحقق دون عزيمة وجهد وإخلاص أبنائها، فهل رأيتم بلدا حول العالم نهض بدعم من الخارج الأجنبي..؟
ابو ايمن السقاف، بسام احمد علي و٢٦ شخصًا آخر
تعليق واحد
مشاركة واحدة
أعجبني
تعليق
مشاركة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة اليمنية وتشعباتها المعقدة..!!

Press and freedom of opinion in Yemen and the assassination of journalists الصحافة وحرية الرأي في اليمن واغتيال الصحفيين